بقلم / م
حمـــد الدكـــروري
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد، أخوة العقيدة والدين اعلموا أن كل خلاف بين اثنين، لا يفسد للود قضية ولا للمحبة مطية ومن تنكب الطريق وعاش في نكد وضيق ورسم على وجهه البؤس والعبوس وأضمر الغل للنفوس فقد خاب وخسر، فيالها من خسارة عظيمة، وهو ألا يُغفر لك الذنب حتى تزيل الشحناء من قلبك وتطرد البغضاء من نفسك، فكن خير العابدين وأفضل المتخاصمين فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالي، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " متفق عليه.
فهيا عباد الله لنخلع ثوب الخلافات ونعفو عما مضى وفات، ونصفح عن الزلات ونتغاضى عن الهفوات فالعيد فرصة سانحة وتجارة رابحة لإعادة البسمة إلى الشفاه والفرحة إلى الأفواه ليعود الابن أباه ويزور الأخ أخاه، فويل لمن قطع رحمه وهجر أصله وفصله، إن التوسل هو إبتغاء الوسيلة إلى الله تعالى، أي التقرب إليه وتلك هي الوسيلة الحقة التي يدعو الله الناس إليها، فأداء الفرائض وسيلة، وترك المحرمات وسيلة، وطلب العلم النافع وسيلة وتلاوة القرآن مع التدبر وسيلة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة، والصدقة وسيلة، والإصلاح بين الناس وسيلة، والكلمة الطيبة تدخل بها السرور على المؤمن وسيلة، والاشتراك في أعمال البر وسيلة والمعروف وسيلة، وإماطة الأذى عن الطريق وسيلة، والوسيلة هو تعني أن يطلب العبد رضا ربه بالعمل الصالح.
وأن يقدم العبد المؤمن أعمالا صالحة بين يدي دعائه وطلبه، فمثلا قبل أن تدعو الله بشفائك من الأمراض وقبل أن تدعوه أن يفرج كربك ويزيل همك وقبل أن تدعوه بالرزق الواسع أو بالزوجة الصالحة أو الولد الصالح وقبل أن تدعوه بالنجاح والتوفيق أو بمغفرة الذنوب والرضا والمنازل العالية في جنات النعيم وقبل أن تدعوه بذلك كله، عليك أن تتقرب إليه بعمل صالح أولا وذلك قبل الدعاء وقبل الطلب وهذا العمل الصالح قد يكون إقرارا وتصديقا وإيمانا بالله سبحانه وتعالى، ومثال ذلك كما في قوله تعالى "الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار" فقبل طلب المغفرة قالوا " ربنا إننا آمنا " وقد يكون هذا العمل الصالح تسبيحا وتحميدا وتهليلا وصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن من أبجديات التفكير والبدهيات في عقل كل إنسان أن الله أوجد الخلق من العدم وغذاهم بالنعم وسخر لهم ما في السماوات ومافي الأرض فقال تعالي "ألم تروا أن الله سخر لكم مافي السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة" كل ذلك ليقوموا بعبادته سبحانه على المنهج الذي شرعه من خلال إرسال الرسل وإنزل الكتب، وتم وعد الله تعالي فأشرقت الأرض بشمس الهدى ودخل الناس في دين الله أفواجا فقال تعالي "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" فكان لابد لهذا الدين الذي كمل من عناية ولتلك النعمة التي تمت من رعاية لذلك فقد حمل الله عز وجل الأمة مسؤولية هذا الدين الذي إرتضاه بالتمسك به وتطبيقه في جميع شؤون الحياة في العبادات والمعاملات والجنايات والعلاقات الدولية سواء في ذلك الفرد والأسرة والمجتمع والدولة حكاما ومحكومين.