بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله على نعمة الصيام والقيام، وأحمد الله واشكره، فإليه المرجع وإليه المآب، واشهد أن لا إله إلا هو، ولقد جعل الله النهار والليل آية لأولي الألباب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد اتقوا الله ربكم حق تقاته، واشكروه على ما أنعم عليكم من النعم، واعبدوا واحمدوا الله، واعرفوا قدر النعم التي أنعمها الله عليكم، واحمده على منه عليكم بمواسم الخيرات والتي تتكرر كل عام، فاستغلوها وتوبوا لله توبة نصوحا، ولا تموتن إلا وأنتم مؤمنون ثم أما بعد نحن في زمن ضعفت فيه الهمم وقلت العزائم والشيم حيث ضعف الوازع الديني عند المسلمين وقل الخوف من الله تعالي ونزعت الرهبة وزالت التقوى إلا بقايا ممن رحم الله وعصم ، وإلا فغالبية المسلمين أهمهم الفائز في برنامج استار أكاديمي، ومن يحصد المليون دولار، ومسلسلات هابطة تدعو للرذيلة.
وتذهب الفضيلة ومباريات في أوقات الصلوات وغيرها من المنهيات والملهيات، فتفريط في الواجبات وترك للمأمورات، وإرتكاب للمنهيات فاللهم رحماك رحماك، ألا وإن المستقرئ لأوضاع الأمة ليأكله الندم وتقتله الحسرة على ما آلت إليه الأوضاع، فكثر الناصحون وزاد المشمرون ويسعون للصلاح والإصلاح لانتشال الأمة من هيامها وانتزاعها من غرامها، فلا تجد إلا أجسادا لا عقول لها، وقلوبا عليها أقفالها بل ربما أبغضوا الناصحين وأضمروا لهم الشر المبين، فبعد أن بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الرسالة وأدّى الأمانة، أشهد الأمة على ذلك وأشهد الله تعالي عليهم ففي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة في حجة الوداع أنه قال للناس.
"وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون، قالوا قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال صلى الله عليه وسلم بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس ويقول اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد" ومع ذلك فقد أمرهم صلى الله عليه وسلم بالبلاغ عنه كما في الحديث الذي رواه البخاري "بلغوا عني ولو آية" والحديث الآخر حيث قال صلى الله عليه وسلم "نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها" ومن هنا جاءت أهمية الدعوة إلى الله تعالي لأنها وظيفة الرسل وأتباعهم حيث قال تعالي " قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين" وقال الإمام ابن القيم رحمه الله فمن دعا إلى الله تعالي فهو على سبيل رسوله صلى الله عليه وسلم وهو على بصيرة وهو من أتباعه ومن دعا إلى غير ذلك فليس على سبيله.
وليس على بصيرة ولا هو من أتباعه وهؤلاء المبلغون عنه من أمته، لهم من حفظ الله و عصمته إياهم بحسب قيامهم بدينه وتبليغهم له، وتبليغ سنته صلى الله عليه وسلم إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، لأن تبليغ السهام يفعله كثير منن الناس وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم جعلنا الله منهم بمنه وكرمه، ثم حمل الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم أجمعين من بعد النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم الأمانة، وواصلوا السير بالدعوة إلى الله على ما كان عليه صلى الله عليه وسلم، ففتحوا البلاد بالحجة والبيان قبل السيف والسنان ووصل الإسلام مشارق الأرض ومغاربها وظلت الدعوة إلى الله هي الهمّ الأكبر والشغل الشاغل للمسلمين حتى طال الأمد وضعف الوازع.
وفتر الدعاة وظهرت دواعي الهوى، فكان لابد من بعث الهمم إلى الدعوة إلي الله وبث روح الإعتزاز بالدين ويقول الإمام مالك رحمه الله "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها".