محمود سعيد برغش
وفي العام العاشر، خرج عمر، فنادى في أهل اليمن: أفيكم أويس؟ قالوا: نعم إنه موجود في عرفات الله يرعى غنيمات، وهذه الغنيمات كانوا قد أحضروها ليذبحوها في يوم النحر، قال تعالى: { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196].
فذهب عمر يجري حتى يلقاه، فلما رآه عمر عرفه من وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدم إليه عمر قال له: أنت أويس بن عامر القرني؟ قال: نعم، فقال: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرني أن أطلب منك أن تدعو لي وأن تستغفر لي، فاندهش أويس، إنه يكلم عمر وما أدراك ما عمر! إنه الذي ملأ الدنيا نورًا وعدلاً وفهمًا واستقامة، عمر يقول لواحد أقل منه منزلة في الترتيب الرباني: ادع لي واستغفر لي، سبحان الله!
لا بد أن أويسًا له قلب حريري.. قلب طاهر، له دعوة مستجابة، له عين باكية، لا بد أن أويسًا هذا صوام قوام، لا بد أن أويسًا كما قلت لك: من الأتقياء الأنقياء الأخفياء.
وبدا لك الآن أن أويسًا ظهر في عالم الوجود، وعرفه عمر وتعرف إلى عمر ومؤكد أنه دعى لعمر، وهذا رد على من زعموا أن طلب الدعاء من الآخرين بدعة، ليس بدعة، بل هو من صميم الإسلام، ألا يستطيع عمر أن يستغفر لنفسه؟، ألا يستطيع عمر أن يدعو لنفسه؟ ، ألا يستطيع عمر أن يلحّ على الله بنفسه؟ وهو من هو؟
لكن قلب أويس الرقراق الذي أبحث عنه في كتاب: جدد قلبك، هو العبرة في هذا الدرس، فهؤلاء ما كان لهم وصل إلا بقلب، وما كان لهم دعوة مستجابة إلا بقلب، والقلب المشتت المبعثر، بعيد عن الله عز وجل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ادْعوا اللهَ وأنتم موقنون بالإجابةِ ، واعلَموا أنَّ اللهَ تعالَى لا يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ»( ).