تعزيز حقوق العمال بمصر: نحو عدالة حقيقية وسلام اجتماعي مستدام جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

تعزيز حقوق العمال بمصر: نحو عدالة حقيقية وسلام اجتماعي مستدام جريدة الراصد 24



بقلم : قيادي عمالي محمد عبدالمجيد هندي مؤسس ورئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين تحت التأسيس 



إن العمال في مصر يمثلون العمود الفقري للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومع ذلك، فإنهم يواجهون العديد من التحديات التي تجعل حياتهم المهنية محفوفة بالمخاطر. يتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية وحماية العمال من المخاطر المباشرة وغير المباشرة إرساء نظام نقابي حر وعادل، يضمن حقوقهم ويعزز السلم الاجتماعي. وفي هذا الإطار، لا بد من تسليط الضوء على أهمية الحريات النقابية والتعددية الديمقراطية، جنبًا إلى جنب مع حماية الوطن من أي استغلال غير مشروع لتلك الحريات.


العدالة الاجتماعية وحماية الطبقة العاملة


العدالة الاجتماعية ليست مجرد شعار، بل هي حق أصيل ينبغي أن يُرسى في قلب السياسة الاقتصادية والاجتماعية لأي دولة تهدف إلى التنمية المستدامة. إن تحقيق العدالة للعمال لا يتحقق بمجرد رفع الأجور أو تحسين ظروف العمل المادية، بل يتطلب إعادة هيكلة النظام الاقتصادي والاجتماعي بما يضمن حماية حقيقية للعمال من كافة المخاطر التي تواجههم، سواء كانت مباشرة كحوادث العمل، أو غير مباشرة كالأزمات الاقتصادية.


الطبقة العاملة المصرية، بمختلف تخصصاتها المهنية، تُعد الركيزة الأساسية التي يقوم عليها الاقتصاد المصري. كل عامل أو فلاح يقدم جهده ومهاراته في سبيل رفع عجلة الإنتاج يستحق بيئة عمل آمنة، وظروف معيشية كريمة. إن المجتمع الذي يفتقر إلى العدالة للعمال هو مجتمع يحكم على نفسه بالتراجع الاقتصادي والاجتماعي.


الحريات النقابية والتعددية الديمقراطية


الحريات النقابية حق دستوري يجب أن يُصان ويُحمى. النقابات ليست مجرد تجمعات عمالية بل هي صمام أمان للعمال في مواجهة استغلال رأس المال. ومع ذلك، فإن تلك الحريات لا تعني الفوضى أو التعدي على حقوق الدولة أو المجتمع. يجب أن يتم تنظيم النقابات بأسلوب يحمي حقوق العمال دون الإخلال بأمن الوطن أو سلامته.


إن التعددية النقابية هي أساس للديمقراطية الحقيقية. لا يمكن بناء مجتمع متماسك دون وجود حرية حقيقية في تشكيل النقابات. تلك النقابات يجب أن تكون صوتًا صادقًا للعمال، وأن تعمل على حماية حقوقهم بطرق نزيهة وشفافة.


السلم الاجتماعي: ضرورة حتمية


لا يمكن إرساء السلم الاجتماعي دون تحقيق العدالة. لا يمكن للعامل أن يشعر بالأمان وهو يُستغل أو لا يجد حماية من المخاطر اليومية. لا يمكن للفلاح أن يعمل بجد وهو يعلم أن جهده لن يقابله احترام أو مكافأة. هنا يأتي دور الدولة في توفير منظومة عادلة تحمي حقوق العمال وتضمن لهم حياة كريمة، لأن في ذلك ضمان لاستقرار المجتمع.


السلم الاجتماعي لا يعني فقط غياب النزاعات أو الاضطرابات، بل هو مفهوم أعمق يشمل توازنًا بين مصالح العمال وأصحاب العمل، وبين حقوق الأفراد ومسؤوليات الدولة. عندما يشعر العامل بالظلم، لن يكون هناك استقرار. عندما تُهمل حقوق الفلاح، لن يكون هناك إنتاج. السلم الاجتماعي هو نتيجة لعدالة حقيقية تشمل الجميع.


حماية الوطن وضمان الديمقراطية


إن الديمقراطية الحقيقية هي تلك التي تعترف بحقوق الجميع وتحميها. لكنها في الوقت نفسه لا تعني الفوضى أو التعدي على سيادة الوطن. يجب أن تظل الحريات النقابية محمية في إطار القانون، وألا يُسمح لأي جماعة أو حركة بالاستفادة من تلك الحريات لتقويض استقرار الدولة أو أمنها.


حماية الوطن تأتي في المقام الأول، ولكن ذلك لا يعني التضييق على الحريات. بل على العكس، فإن ضمان الحريات النقابية واحترام التعددية الديمقراطية هو في حد ذاته شكل من أشكال حماية الوطن. عندما يشعر المواطن بأن حقوقه محمية، فإنه سيعمل على حماية الوطن والدفاع عنه. أما إذا شعر بالظلم أو التهميش، فإن ذلك سيؤدي إلى اضطرابات اجتماعية تهدد استقرار الدولة.


النقابات الحرة: منبر لحماية العمال


النقابات ليست مجرد وسيلة لتحصيل الحقوق، بل هي مدرسة لتعليم العمال كيفية الدفاع عن أنفسهم بطرق قانونية وسلمية. إننا نناشد جميع النقابيين الأحرار في مصر للانضمام إلى المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس، الذي يهدف إلى حماية حقوق العمال وتعزيز دورهم في المجتمع.


إن المجلس القومي للعمال والفلاحين ليس مجرد منظمة عمالية، بل هو حركة حقيقية تسعى إلى إرساء العدالة الاجتماعية، وتوفير بيئة عمل آمنة، وحماية حقوق كل عامل وفلاح. من خلال النقابات الحرة، يمكننا تحقيق التوازن بين مصالح العمال وأصحاب العمل، وبين حقوق الأفراد ومسؤوليات الدولة.


الدعوة إلى التكاتف من أجل مستقبل أفضل


إن حماية حقوق العمال في مصر ليست مسؤولية النقابات فقط، بل هي مسؤولية المجتمع بأسره. يجب على الجميع، من حكومة وأصحاب عمل وعمال، أن يتكاتفوا من أجل بناء مجتمع عادل ومستقر. إن العدالة الاجتماعية هي الطريق الوحيد لتحقيق السلم الاجتماعي، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال ضمان حقوق العمال وحمايتهم من المخاطر.


في الختام، يجب أن نذكر دائمًا أن العامل الذي يعمل نظير أجر لدى الغير يستحق كل تقدير واحترام. إن حقوق العمال ليست منّة أو هبة، بل هي حق أصيل يجب أن يُحمى ويُصان.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020