إنصاف العمال والفلاحين قضية وطنية وإنسانية جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

إنصاف العمال والفلاحين قضية وطنية وإنسانية جريدة الراصد 24



القاهرة : 20 / 9 / 2024


بقلم: محمد عبدالمجيد هندي

مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس



في كل مجتمع يسعى إلى التقدم والتنمية، لا يمكننا أن نغفل الدور المحوري للعامل والفلاح. هؤلاء الذين يعملون بجهد وكدّ، صباحًا ومساءً، يسهمون في بناء الاقتصاد وصناعة مستقبل البلاد. ومع ذلك، وعلى الرغم من الدور الحيوي الذي يقومون به، يجد العديد منهم أنفسهم في معركة يومية للحفاظ على حقوقهم الأساسية. حقوق العمال والفلاحين ليست قضية تخص قطاعًا محدودًا من الناس؛ بل هي شأن عام يعكس مدى إنسانية المجتمع ومدى تقدمه.


نحن هنا لنعترف، وبكل وضوح، أن كل من يعمل نظير أجر لدى الغير يستحق الإنصاف والكرامة والاحترام. في كل ورشة ومصنع، وفي كل حقل ومزرعة، نجد هؤلاء الذين لا يتوانون عن بذل الجهد في سبيل تلبية احتياجات أسرهم وبناء مجتمعاتهم. هؤلاء هم العمود الفقري للاقتصاد الوطني، ورغم ذلك نجد أن التحديات التي يواجهونها قد تكون في كثير من الأحيان قاسية وظالمة.


إنّ إنصاف العمال والفلاحين ليس منّة أو هبة تمنحها المؤسسات الاقتصادية أو السياسية؛ بل هو حق أصيل مكفول في كل شرائع السماء والقوانين الوضعية. العامل الذي يبيع جهده ووقته ليُسهم في بناء صرح الوطن لا يطلب سوى حقوقه العادلة: أجر عادل يوازي ما يقدمه من عمل، وظروف عمل كريمة تحفظ له إنسانيته، وأمان وظيفي يضمن له ولأسرته الاستقرار المعيشي.


على مرّ التاريخ، كانت هناك محاولات عديدة للنيل من حقوق العمال والفلاحين، سواء عن طريق تقليص الأجور، أو فرض ساعات عمل طويلة، أو تجاهل حقوقهم في الحماية الاجتماعية والصحية. وعلى الرغم من كل تلك المحاولات، فإن صمود العمال والفلاحين كان دائمًا هو الحصن المنيع الذي حافظ على حقوقهم وأبقى راية النضال عالية. نحن اليوم نعيش في عالم مختلف، عالم يحتاج إلى إرساء قواعد العدالة والإنصاف، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية التي تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.


في هذا السياق، يأتي دورنا نحن كقيادات عمالية مستقلة لنرفع صوتنا عاليًا دفاعًا عن كل من يعمل نظير أجر لدى الغير. نحن ندرك أن العامل والفلاح هما من يدفعان عجلة التنمية إلى الأمام. لا يمكن لأي مجتمع أن يزدهر دون أن يحترم حقوق هؤلاء. الأجور العادلة ليست ترفًا؛ بل هي حجر الأساس في ضمان استقرار المجتمعات. إذا كان العامل غير قادر على تلبية احتياجاته الأساسية، فكيف يمكنه أن يقدم العمل بجودة وإخلاص؟


يجب أن ندرك أن العمال والفلاحين هم الأكثر تعرضًا لآثار الأزمات الاقتصادية. في أوقات الركود الاقتصادي أو التضخم، هم أول من يشعر بتلك الضغوط. ولذلك، من واجبنا كدولة ومجتمع أن نوفر لهم الحماية اللازمة لضمان قدرتهم على مواصلة العمل والإنتاج دون القلق على مستقبلهم أو مستقبل أسرهم.


إن حماية حقوق العمال والفلاحين ليست مسؤولية العمال وحدهم؛ بل هي مسؤولية وطنية يجب أن تتضافر فيها كل الجهود. على الحكومات والمؤسسات الاقتصادية والنقابات أن تعمل بشكل متكامل لضمان حصول كل عامل وفلاح على حقوقه. يجب أن يكون هناك توازن حقيقي بين مصالح أصحاب العمل وحقوق العاملين. هذا التوازن هو الذي يضمن استقرار الاقتصاد ويحقق العدالة الاجتماعية.


ولعل واحدة من أكبر التحديات التي تواجه العمال اليوم هي ضعف تمثيلهم في صنع القرار. نحن بحاجة إلى تقوية صوت العمال والفلاحين في كل المستويات، سواء في المجالس التشريعية أو في النقابات أو في المنظمات العمالية. يجب أن يكون هناك تمثيل حقيقي وصادق لهؤلاء الذين يعملون بجد لبناء الوطن.


وعندما نتحدث عن حقوق العمال والفلاحين، لا يمكننا تجاهل أهمية الحماية الاجتماعية. كل عامل وفلاح يجب أن يكون له حق في الحصول على تأمين صحي، وضمان اجتماعي يحميه من تقلبات الحياة. هذه الحماية ليست ترفًا؛ بل هي حق إنساني أصيل يضمن للعمال والفلاحين حياة كريمة ومستقبلًا آمنًا.


إننا في المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس نسعى بكل جهدنا لضمان هذه الحقوق. نحن نعمل على توحيد صفوف العمال والفلاحين في مواجهة التحديات، وندعو جميع الشرفاء في المجتمع للوقوف معنا في هذه المعركة النبيلة. قضيتنا ليست مجرد قضية عمالية؛ بل هي قضية وطنية وإنسانية بامتياز. نحن نؤمن بأن ازدهار الأمة يبدأ من الإنصاف والعدالة لكل من يعمل بجد وإخلاص.


وختامًا، أقول لكل عامل وفلاح: أنت تستحق كل الاحترام والتقدير. عملك هو أساس نهضة الأمة، وحقوقك ليست قابلة للتفاوض أو التنازل. معًا، سنظل نعمل حتى يتحقق الإنصاف الكامل لك ولكل من يعمل نظير أجر لدى الغير. سنواصل النضال حتى يصبح كل مصنع وحقل مكانًا للكرامة والعدالة.


حقوق العمال والفلاحين ليست مجرد شعارات تُرفع؛ بل هي أفعال وسياسات يجب أن تُنفذ على أرض الواقع. ونحن في المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس لن نتوقف عن العمل حتى نرى تلك الحقوق محمية ومصانة بشكل كامل.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020