ضيق الأفق من الجهل الشديد جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

ضيق الأفق من الجهل الشديد جريدة الراصد 24


بقلم / محمـــد الدكـــروري



إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، ثم أما بعد أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فهي وصية الله للأولين والآخرين، كما قال تعالى " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله " صعد النبي صلى الله عليه وسلم منبره، فلما صعد الدرجة الأولى قال آمين، فلما صعد الدرجة الثانية قال آمين، فلما صعد الدرجة الثالثة قال آمين، بعد أن إنتهى من خطبته سأله أصحابه يا رسول الله علي ما أمنت؟ 


قال صلى الله عليه وسلم جاءني جبريل فقال لي رغم أنف عبد أدرك والديه فلم يدخلاه الجنة، فقلت آمين، ثم جاءني، وقال رغم أنف عبد ذكرت عنده فلم يصلي علي، فقلت آمين، ثم قال رغم أنف عبد أدرك رمضان فلم يغفر له، قل آمين فقلت آمين" والله جل جلاله يقول " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" لكن هذه العبادة ذات معنى شمولي، من ضيق الأفق ومن الجهل الشديد أن تتوهم أن العبادة هي هذه العبادات الشعائرية فحسب، العبادات ذات مفهوم شمولي، من هذه العبادات ما كان عبادات شعائرية، كالصلاة والصوم، والحج، من هذه العبادات ما هو عبادات مالية كالزكاة، من هذه العبادات ما هي عبادات تعاملية كالصدق والأمانة، فالحقيقة الدقيقة.


أن الإنسان إذا توهم أن الدين عبادات شعائرية ليس غير لم يفقه شيئا من الدين، فالإسلام بناء شامخ، بني على خمس دعائم، إنها العبادات الشعائرية، النطق بالشهادة، وأداء الصلاة، وصوم رمضان، وحج البيت من إستطاع إليه سبيلا، فما أجمله من ختام يؤكد على قيمة الصلاة والاعتصام بالله تعالي حيث يقول تعالي " فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله بالله هو مولاكم فنعم المولي ونعم النصير " فهذا ختام يحثنا على الإعتصام بالله تعالى، فهو مسبب الأسباب، وهو رب الأرباب، وهو فاتح الأبواب، وهو على كل شيء قدير هو مولانا وناصرنا، وهو غايتنا سبحانه، وحين يجعل المسلم غايته هي الله تعالى حبا له، وعملا من أجله، وتعظيما له، وشكرا له، واستشعارا لمعيته، ورجاء له. 


فهذا ما يريده العبد في النهاية رضا الله تعالى، وهو مع ذلك إيجابي معطاء، فاعل للخير، مستشعر مسؤوليته، لا مجرد منكب على نفسه بعيد عن مجتمعه وأمته، هكذا فليكن المسلم لنفسِه وأُمته، وللإنسانية كلها، فالعالم كله وبلادنا خاصة تخيم عليها سحب داكنة، ورياح عاصفة، وأمواج عاتية، سلبتها مقومات سعادتها وطيب حياتها وسر قوتها، وانتزعت منها أمنها وأمانها ومجدها وعزتها، هددتها بالدماء والدمار وألبستها لباس الخوف والجوع، نشرت فيها الفساد بأنواعه المختلفة، وجلبت لها أمراض جسدية ونفسية واجتماعية لماذا كل ذلك؟ فإنه بما كسبت أيدينا، فإنه الإنحراف والإعراض عن منهج الله تعالي، وإقتحام حدوده وإنتهاك حرماته، كل ذلك أوصل الناس إلى ما وصلوا إليه.


كما تقرره الآيات السالفات، فالناس فسروا ما يجري عليهم تفسيرا ماديا وغفلوا عن السبب الحقيقي لذلك، ألا وهو حكم رب العالمين وحكمته وإرادته ومشيئته وسننه الماضية في خلقه، إن هذا هو جزاء المخالفين عن هديه المعرضين عن منهاجه، وبناء على تفسيرهم الخاطئ للمرض ذهبوا يبحثون عن العلاج فاخطئوا في العلاج كما أخطئوا في التشخيص، ولو أنهم أدركوا سر ما أصابهم وسببه الحقيقي لاهتدوا للعلاج الناجح، وتوصلوا إلى الشفاء التام والعاجل.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020