بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم :
الأحد الموافق 24 نوفمبر 2024
الحمد لله فتح بابه للطالبين وأظهر غناه للراغبين، وبسط يده للسائلين، قصدته الخلائق بحاجاتها فقضاها، وتوجهت له القلوب بلهفاتها فهداها، وضجت إليه أصوات ذوي الحاجات فسمعها، ووثقت بعفوه هفوات المذنبين فوسعها، وطمعت بكرمه آمال المحسنين فما قطع طمعها، بابه الكريم مناخ الآمال ومحط الأوزار، لا ملجأ للعباد إلا إليه ولا معتمد إلا عليه، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أرسله ربه رحمة للعالمين وحجة على العباد أجمعين فهدى الله به من الضلالة وبصر به من الجهالة وكثر به بعد القلة وأغنى به بعد العيلة ولمّ به بعد الشتات وأمّن به بعد الخوف فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين وأصحابه الغر وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد إن أهل العلم هم أهل الخشية من الله تعالى.
وهم كذلك أهل الشهادة مع مولاهم والملائكة الكرام، وهم أيضا أهل الخيرية في هذه الأمة، وطريق طلاب العلم هو طريق الجنة ونعيمها في الدنيا والآخرة ومع ذلك فإن مجالس العلم مظنات السكينة والرحمة وتنزلات الملائكة، والعالم الصالح مقدم في أبواب الفضل على العابد كما جاءت بذلك الأحاديث، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم " وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب" وإنه من باب العلم أنه يستحب لمن زار المدينة أن يزور ثلاث مقابر، قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر، ومقبرة البقيع التي دُفن فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومقبرة شهداء أحد، ونعلم جميعا أن زيارة هذه المقابر إنما هي للاتعاظ والسلام والدعاء له ولا يطلب منهم شيء، ولا تقرأ عندهم الفاتحة كما يفعله بعض الجهلة، ولا يتمسح بها.
ولا نعتقد فيها أن الدعاء عندها مجاب، فهذه كلها من الشرك ووسائله، فلهذا لم يستحب أهل العلم الإكثار من زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لمن زار المدينة أو كان ساكنا فيها لما يفضي ذلك إلى الغلو، بل يشرع للقادم من خارج المدينة أن يأتي ويصلى في المسجد ركعتين، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ولا يشرع للرجل كلما دخل المسجد أن يأتي بذلك، بل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبر كالصلاة عليه في الصين أو فى أى بلد، كما أخرج أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا عليّ، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم" يا لها من منة أن تزور مدينة كان يسكنها النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مشى على أرضها، وحدث بها، ودعا لها بالبركة.
فتتذكر تنقلاته والحوادث التي وقعت في زمنه، وما حصل فيها من أحداث عظيمة، فوالله إن هذا لمن دواعي زيادة الإيمان والاتباع، وكان عندما وصل النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، كان يوم الاثنين على أرجح الأقوال، فلما جاءت الجمعة خطب فى الناس، فى أول جمعة صلاها بالمدينة فى بنى سالم بن عمرو بن عوف رضى الله عنهم "الحمد لله أحمده وأستعينه، وأستغفره وأستهديه، وأومن به ولا أكفره، وأعادى من يكفره وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق والنور والموعظة على فترة من الرسل، وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى وفرط وضل ضلالا بعيدا.