بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 15 نوفمبر 2024
الحمد لله رب العالمين حمد الحامدين الشاكرين والصلاة والسلام على البشير النذير المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد سأل رجل سعيد بن المسيب فقال إن أحدنا يصطنع المعروف يحب أن يحمد ويؤجر، فقال له أتحب أن تمقت؟ قال لا، قال فإذا عملت لله عملا فأخلصه، وقال الضحاك رحمه الله تعالى لا يقولن أحدكم هذا لوجه الله ولوجهك ولا يقولن هذا لله وللرحم، فإن الله تعالى لا شريك له، وقال أحد السلف إن الله يعطي العبد على نيته ما لا يعطيه على عمله لأن النية لا رياء فيها، وكان معروف الكرخي رحمه الله تعالى يضرب نفسه ويقول يا نفس أخلصي تتخلصي، وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه من خلصت نيته كفاه الله تعالى ما بينه وبين الناس.
وكتب بعض الأولياء إلى أخ له أخلص النية في أعمالك يكفك القليل من العمل، فأوصيكم بالعمل بالعلم فإن لم تعملوا فأنتم نسخ كالكتب في الجدران ومع ذلك الكتب في الجدران سالمة، أما أنتم فغير سالمين والله غير سالمين، اعملوا تربوا بالعلم في عبادة الله وفي معاملة عبادة الله وفي معاملة أنفسكم، وهذه نصيحة أرجو ألا تغيب عن بالكم فإنها إن شاء الله مفيدة، وأنه ليس من شرط التعليم أن تأخذ كتابا وتشرحه للناس بل إن الإجابة على السؤال هي تعليم في الواقع، فإننا نعلم كلنا أن المقصود من العلم هو العمل، فالعلم وسيلة والعمل ثمرة وإذا لم ينتفع الإنسان بعلمه فالجاهل خير منه، وكثير من المسائل العلمية يفهمها كثير من الطلبة لكنهم لا ينفذونها سواء كانت في العبادات أم في المعاملات مع الخلق وهذا لا شك أنه نقص وسبب للنقص، أي لنقص العلم.
فإن الإنسان إذا عمل بعلمه إنتفع وإزداد علمه ومن عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم، ونحن ينقصنا في علمنا أننا لا نطبق ما علمناه على سلوكنا وأكثر ما عندنا أننا نعرف الحكم الشرعي، أما أن نطبق فهذا قليل نسأل الله أن يعاملنا بعفوه وفائدة العلم هو التطبيق العملي بحيث يظهر أثر العلم على صفحات وجه الإنسان وسلوكه وأخلاقه وعبادته ووقاره وخشيته وغير ذلك وهذا هو المهم، وإنه ينبغي للإنسان أن يتأمل وألا يتعجل لأن بعض الطلبة منذ يعرف مسألة من المسائل يأتي بالمحبرة والقلم ويبدأ يكتب وكم من كتابة ظهرت ثم ندم المخرج على إخراجها، وتمنى أنه لم يكن أخرجها لينظر فيها مرة أُخرى، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من يُرد الله به خيرا يفقه في الدين" فيه بشارة لمن فقهه الله في دينه أن الله قد أراد به خيرا.
ويُؤخذ من مفهومه أن من لم يفقهه الله في الدين لم يرد به خير، فالفقه في الدين دليل على أن الله تعالي أراد بالإنسان خيرا، وليس الفقه في الدين هو علم الأحكام الشرعية العلمية كالطهارة والصلاة بل هو عام حتى العقائد يعتبر العلم بها فقها ولهذا سمى العلماء رحمهم الله علم التوحيد الفقه الأكبر، واعلم أن من جملة الفقه في الدين أن ينشر الإنسان علمه، فإن الفقه ليس مجرد الفهم بل إن الفهم قد لا يكون فقها ولا يراد بهذا الحديث، ولكن الفقه أن يكون عند الإنسان تعمق في دين الله عز وجل ومعرفة بما يجب عليه وقيام بالعمل به، قال يحيى بن معاذ رحمه الله تعالى الإخلاص يميز العمل من العيوب كتمييز اللبن من الفرث والدم، وقال أحد السلف العلم بذر والعمل زرع وماؤه الإخلاص.