بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 15 نوفمبر 2024
الحمد لله رب العالمين قيوم السماوات والأرض جعل المرض رحمة للطائعين يرفع به درجات المؤمنين في جنات النعيم وأشهد لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، القائل في كتابه العزيز " وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين وتابعي التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد لما بعث قوم إلى سفيان الثوري يطلبون أن يحدثهم اشترط عليهم حتى تعملوا بما تعلمون، ثم تأتوني فأحدثكم، ثم أردف في صراحة فاضحة يدنسون ثيابهم ثم يقولون تعالوا اغسلوها، وقال هانئ بن المتوكل حدثني محمد بن عبادة المعافري قال.
كنا عند أبي شريح فكثرت المسائل فقال قد درنت قلوبكم، فقوموا إلى خالد بن حميد المهري إستقلوا قلوبكم وتعلموا هذه الرغائب والرقائق فإنها تجدد العبادة وتورث الزهادة وتجر الصداقة، وأقلوا المسائل فإنها في غير ما نزل تقسي القلب وتورث العداوة، وقال الشعبي رحمه الله تعالى يطلع يوم القيامة قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون لهم ما أدخلكم النار وإنما أدخلنا الله الجنة بفضل تأديبكم وتعليمكم؟ فيقولون إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله وننهى عن الشر ونفعله، وقال حاتم الأصم رحمه الله تعالى ليس في القيامة أشد حسرة من رجل علّم الناس علما فعملوا به ولم يعمل هو به ففازوا بسببه وهلك هو، فإن الناس يختلفون في إستنباط الأحكام من الأدلة وكلما تعمق الإنسان في الإستنباط إزداد فائدة.
وإن من أكثر الذين يستنبطون الأحكام من الأدلة الإمام ابن القيم رحمه الله فإن له مجالا واسعا ويظهر ذلك تماما من كتابه " زاد المعاد في هدى خير العباد " وكذلك شيخنا عبدالرحمن السعدي رحمه الله له قوة في إستنباط الأحكام ويظهر ذلك تماما في كلامه على آية الوضوء في سورة المائدة، فقد إستنبط منها أحكاما كثيرة، ولكن ما هي الوسائل التي تنمّي عند الإنسان ملكة الاستنباط ؟ فإن الجواب هو التكرار والتدبر لأن الذكاء غريزي ومكتسب فأما الغريزي فالله تعالى يهبه من يشاء وأما المكتسب فهو ما يحصل بفعل الإنسان وممارسته، وقال بعض السلف " الجهل بالكلام علم" لأن علم الكلام أدى بأصحابه إلى مهالك حتى أن فطاحل علمائهم يتمنون وهم في سياق الموت أنهم ماتوا على دين العجائز.
وإن كان جهلا ولكنه أسلم من علم يؤدي بهم والله أعلم إلى الشك والحيرة، وإن أخسّ العلوم ما يصُدّ عن سبيل الله وعن طريق السلف الصالح مثل علم الفلسفة وعلم الكلام وما أشبههما، إلا إذا تعلمه الإنسان من أجل أن يردّ به على أهله فهنا قد يكون تعلمه واجبا لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه طوبى لمن أخلص عبادته ودعاءه لله ولم يشغل قلبه ما تراه عيناه، ولم ينسه ذكره ما تسمع أذناه، ولم يحزن نفسه ما أعطي غيره، ومر عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى برجل في يده حصى يلعب به وهو يقول اللهم زوجني من الحور العين، فقام عليه عمر فقال بئس الخاطب أنت ألا ألقيت الحصى، وأخلصت لله الدعاء، وعن عبد الملك بن عتاب قال رأيت عامر بن عبد قيس في النوم فقلت أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال ما أريد به وجه الله.