بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الجمعة الموافق 15 نوفمبر 2024
الحمد لله وكفى، والصلاة على النبي المصطفى، ومن بآثاره إقتفى، وبعهد الله وفى، وسلام على عباده الذين إصطفى، وبعد قال أبو الدرداء رضي الله عنه ويل لمن لا يعلم مرة وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات، وقال عكرمة رحمه الله تعالى لا تعلموا العلم إلا لمن يعطي ثمنه، فقيل له وما ثمنه؟ قال يضعه العالم عند من يعمل به، وقال سفيان رحمه الله تعالى إذا رأيتم طالب العلم يطلب الزيادة من العلم دون العمل فلا تعلموه ، فإن من لم يعمل بعلمه كشجرة الحنظل كلما إزداد ريا بالماء إزداد مرارة وإذا رأيتموه يخلط في مطعمه ومشربه وملبسه ونحو ذلك ولا يتورع، فكفوا عن تعليمه تخفيفا للحجة عليه غدا، واعلموا أن العلم يحتاج إلى تعب، فالذي يريد أن يستريح لا يقول إنه طالب علم، فلا بد لطالب العلم أن يكون طالب علم على سبيل الحقيقة.
وسيجد أثر ذلك فيما بعد سيجد النتيجة والتحصيل وهو قد يشق عليه في أول الأمر أن يحبس نفسه على العلم، لكن إذا إعتاد حبس نفسه على العلم صار ذلك سجية له وطبيعة له حتى إنه إذا فقد ذلك الحبس إنحبس وجرّب تجد، فإذا حبست نفسك على العلم فإنك تفقد ذلك الحبس لو تأخرت عنه، فالله الله على الحرص على طلب العلم، فالذي يريد العلم لا بد أن يكبّ عليه وأن يجتهد وهو وأن أتعب جسمه الآن سيجد الراحة فيما بعد، وإنه ينبغي لطالب العلم عندما يبحث عن مسألة أن يبحث عنها لأجل أن يصل إلى الحق، لا لأجل أن ينصر قوله، ونسأل الله العافية، بمعنى أن تفرض أنك إختلفت أنت وزميلك في مسألة وأردت أن تحقق ما قلت، فأنت عندما تراجع وتبحث لا تجعل رائدك أن تنتصر لنفسك.
فإنك ربما تحرم الوصول إلى الحق لكن اجعل رائدك الوصول إلى الحق عسى أن يكون معك فتحمد الله تعالى أن يسّر لك الوصول إليه، وأن جعل بيان الحق على يدك أو يكون مع خصمك فتحمد الله تعالى أن الله تعالى يسّر لك الرجوع عن الباطل وهيّأ لك الوصول إلى الحق فأنت على كل تقدير في نعمة، وهذه مسألة صعبة جدا على النفوس أن يراجع الإنسان في مثل هذه الأمور لأجل الوصول إلى الحق فإن كثيرا من الناس يراجع لأجل أن ينصر قوله، وما ألذ رجوع الإنسان إلى الحق، حتى إن الإنسان إذا رجع إلى الحق وإن كان خلاف ما يقوله أولا يجد في هذا لذة عظيمة وكأنه لم يرجع عن قوله الأول لأن الله عز وجل فتح على قلبه حيث آمن بالحق أول ما جاء به، ولكن بعض الناس يحاول ويجادل لقوله الذي قاله أولا.
حتى لا يهزم في نظره والحقيقة أنه مهزوم في نظره إذا أصر على الإنتصار لقوله لا للحق لكن لو أذعن للحق وإنقاد لكان هو الذي انتصر على نفسه أولا، ثم ينصر لأن الحق معه حيث وافق الحق، ولا تظن أنك مهزوم إذا رجعت عن قولك بمقتضى دليل الكتاب والسنة بل إنك منصور وعزيز لأن الله تعالي نصرك على نفسك ومتى روضت نفسك على هذا سهل عليك الرجوع إلى الحق، وقال ابن السماك رحمه الله تعالى مررت بحجر بمكة مكتوب عليه اقلبني تعتبر فقلبته فإذا عليه مكتوب أنت بما تعلم لا تعمل فكيف تطلب علم ما لم تعلم؟ وقال أيضا كم من مذكر بالله ناسي لله، وكم من مخوف بالله جريء على الله وكم من مقرب إلى الله بعيد من الله، وكم من داعي إلى الله فار من الله، وكم من تالي كتاب الله منسلخ عن آيات الله، وقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه للمرائي ثلاث علامات يكسل إذا كان وحده وينشط إذا كان في الناس يزيد في العمل إذا أثني عليه وينقص إذا ذم.