بقلم: قيادي عمالي مستقل، محمد عبدالمجيد هندي
منذ عقود طويلة، والشعب المصري يواجه صدمات متتالية على مختلف الأصعدة؛ اقتصادية، اجتماعية، وسياسية، ولكن في الفترة الأخيرة، شهدنا تحولات متسارعة تركت آثارًا بالغة في حياة المواطن المصري. تلك التحولات كانت ولا تزال تسبب تحديات كبيرة، مع تأثيرات سلبية على قدرة الدولة في تحسين أوضاعها الداخلية، كما تزيد من حدة التوترات في الشارع المصري.
اليوم، ونحن نواجه مصاعب متعددة، نجد أنفسنا في مصاعب اقتصادية تشمل ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، وتدهور قيمة الجنيه المصري، وزيادة معدلات التضخم بشكل يفوق التصور. ورغم بعض المحاولات الحكومية لتحسين الأوضاع من خلال الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي، إلا أن هذه الحلول لم تتمكن من التخفيف عن المواطن العادي، بل بالعكس، زادت الضغوط اليومية التي يواجهها.
أما في مجال العمل، فالتحديات أكبر وأعمق. آلاف العمال يعيشون في ظروف عمل صعبة، وبعض الشركات أغلقت أبوابها في أعقاب ثورة يناير 2011، والعديد من المصانع تأثرت بالأزمة الاقتصادية العالمية، ما أدى إلى فقدان آلاف الوظائف. العمال اليوم يعيشون في حالة من القلق المستمر على مصيرهم، خاصة في ظل غياب الحماية الحقيقية لحقوقهم، وغياب التشريعات التي تضمن لهم حياة كريمة.
التوجه نحو التوسع السكاني العمراني، بينما لا يتم تفعيل خطط لتطوير الإنتاج المحلي وزيادة التصنيع، يعكس افتقادًا حقيقيًا لرؤية استراتيجية واضحة للتنمية المستدامة. بدلاً من الاعتماد على الاستيراد كحل سهل، كان من الأجدر على الحكومة أن تركز على تطوير الصناعات المحلية، من أجل تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على الصمود في مواجهة التحديات.
فيما يتعلق بالحريات النقابية، تواجه مصر تحديات جسيمة في هذا المجال. هناك محاولات مستمرة لتهميش الحركة العمالية المستقلة ودمجها ضمن الأطر الحكومية التي تفتقر إلى الفعالية أو القدرة على الدفاع عن مصالح العمال. هذا التوجه يخلق حالة من عدم الثقة بين العمال والدولة، ويزيد من توتر العلاقة بين السلطة والمجتمع المدني.
من جهة أخرى، الشعب المصري، رغم كل هذه الصعوبات، لا يزال يواجه المستقبل بعزيمة وإصرار. هناك شعور عام بعدم الرضا، ولكن أيضًا هناك إيمان بقدرة المصريين على الصمود والتغيير، إذا توافرت الإرادة الحقيقية لإصلاح الأوضاع. فلا بد من استجابة حقيقية لمطالب الشعب المصري، والتي تتلخص في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وضمان حقوق العمال، وتفعيل السياسات التي تعزز التنمية المستدامة.
ختامًا، من أجل أن نخرج من هذه الصرصرة التي نحن فيها، يجب أن نتكاتف جميعًا كمجتمع، وأن تكون هناك إرادة سياسية حقيقية للتغيير. فالعمال والفلاحون، الذين يشكلون العمود الفقري لهذا المجتمع، يجب أن يكونوا في قلب عملية التغيير، لأنهم الركيزة الأساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية في مصر.