جهل الإنسان المتعالي المتكبر بأصله جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد24 جريدة الراصد24

داخل المقال

جاري التحميل ...

جهل الإنسان المتعالي المتكبر بأصله جريدة الراصد 24

 


بقلم / محمـــد الدكـــروري


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر فقال " من صاحب هذا القبر؟ فقالوا فلان، فقال " ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم" وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ركعتان خفيفتان مما تحقِرون وتنفلون يزيدها هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم " وإن من المنجيات من عذاب القبر هو الموت يوم الجمعة أو ليلتها، ففي الحديث الصحيح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر" ومنها الموت بداء البطن وهي الطواعين وغيرها، ففي الحديث الصحيح رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قتله بطنه، فلن يعذَّب في قبره" 


نسأل الله العظيم أن يجعل قبورنا وقبور والدينا روضة من رياض الجنة، وأن يعيذنا من فتنة القبر وعذابه، واعلموا أن من الأسباب التي تدعوا إلي الكبر والغرور هو جهل هذا الإنسان المتعالي المتكبر المغرور بأصله الذي خلق منه وخلق منه غيره، ممن يترفع عليه ويسخر منه، فقد أنساه ما هو فيه من رفعة أو نسب أو جاهه الأصل الذي خلق منه، وهو الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب والترائب، كما قال سبحانه " فلينظر الإنسان مما خلق، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب " ولو علم ذلك لإستحي من نفسه أن يترفع على أخيه، وقد خلق هو وأخوه من هذا الماء الدافق، ولو علم أنه وأخاه الذي يترفع عليه سوف يقفان معا في موقف واحد أمام رب العالمين لفصل القضاء، فإنهم سيقفان وجميع الخلق حفاة عراة غرلا، فلا أنساب يومئذ ولا مناصب ولا أموال.


فالجميع ينتظر الحساب والجزاء، فالسعيد والشريف من يأخذ كتابه بيمينه، ولو كان في الدنيا شقيا بفقره وضيعا بنسبه والشقي والوضيع من يأخذ بشماله ولو كان في الدنيا سعيدا بماله ومنصبه، شريفا بنسبه وحسبه، ولو علم هذا ما ترفع على أخيه طرفة عين ولا غره ماله ولا منصبه ولا نسبه، ومن الأسباب أيضا التي تدعوا إلي السخرية والإستهزاء بالعباد هو غفلة هذا المستهزئء عن مصير المال الذي بين يديه، ومصير المنصب والوظيفة، وأن هذه الأمور مآلها إلى الزوال والفناء، فإما أن يتركها بالموت، وإما أن تتركها بالموت، وإما أن تتركه هي، فماله يفنى، ووظيفته ترتفع إلى غيره لأنها لو بقيت الوظيفة لغيره ما وصلت إليه، ولو علم أن الذي يبقى معه في الحياة وبعد الممات هو التقوى والعمل الصالح، لاستعمل هذه الأمور في طاعة الله عز وجل ولإزداد بها تواضعا.


وأعان بها محتاجا، وفك بها كربة مكروب، حيث قال الله عز وجل " لا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من آتي الله بقلب سليم " فلنحرص عباد الله على التقوى والعمل الصالح، ولنترفع عن أخلاق الكافرين والمنافقين والعصاة، ولنتخلق بخلق المؤمنين والصالحين والأتقياء، وعلى رأسهم نبينا المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم، فهو أشرف الخلق نسبا وحسبا وأرفعهم منزلة وأكرمهم عند الله تعالي، ومع هذا كان قمة في التواضع، قمة في الأخلاق الكريمة، لا يترفع على أحد من المسلمين، ولا يسخر منهم، ولا يتعالى عليهم، وسيرته في ذلك واضحة ومعروفة، فحري بنا أن نتخلق بخلقه، ونتصف بصفاته الكريمة، وننبذ هذه الأخلاق الرذيلة، فإن التعالي والترفع والإستخفاف بالناس، يورث العداوة والبغضاء ويزرع الحقد والكره بين الناس ويقطع التواصل، ويوصل التقاطع فما ظنكم بمجتمع سادت فيه هذه الأخلاق؟ 


فلا شك أن التفكك والتفرق سيلقيان بظلالهما عليه، وحينئذ يحصل الضياع والهلاك للمجتمع، وليس معنى ما تقدم أن يذل الإنسان نفسه ويزيل شخصيته ويرتدي مجالس اللعب والهزء، حتى لا يتجرأ عليه اللئيم ويستخف به الكريم ويلعب به الجاهل ويضحك منه العامي، بل يتواضع ولا يتعالى في محل التواضع، ويلين في محل اللين، ويحفظ شخصيته ومكانته، في محل حفظ الشخصية والمكانة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فقد كان قويا وشجاعا في محل القوة والشجاعة، لينا متواضعا في محل اللين والتواضع ومع هذا جعل له من المهابة والكرامة الشيء الكثير.

التعليقات

كل ما ينشر علي موقع الجريدة يقع علي مسؤولية كاتب المنشور وليس علي الجريدة اية مسؤولية في ذلك


جريدة الراصد24

إتصل بنا

Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

انضم الي عائلة جريدة الراصد24

إشترك ليصلك كل مواضيع جريدة الراصد24


إلى أعضاء

إنضم

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد24

2020