عزل العلوم الإنسانية عن علوم الشرع جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

عزل العلوم الإنسانية عن علوم الشرع جريدة الراصد 24

 


بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الخميس الموافق 17 أكتوبر 2024

الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من أرسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد إن المروجين للأفكار الهدامة، والشبهات المضللة من أعظم المفسدين في الأرض، يقاس على هذا يعني العلم الذي لا ينفع نظريات علم الإجتماع، وعلم النفس، والقوانين الوضعية بجميع أنواعها، وأكثر هذه العلوم التي تسمى العلوم الإنسانية، التي لا تثمر هدى، ولا صلاحا، ولا فلاحا، ولا خيرا لمن يقرأها، ولقد وجد المضللون المفسدون في الأرض العلوم الإنسانية ميادين رحبة، وأرضا ملائمة، للقيام بنشاطاتهم فيها، فاتخذوا منها مواقع ومراتع، وأقاموا فيها مؤسسات توجيهية، ومدارس تعليمية، لبث أفكارهم وضلالاتهم، ونشطوا فيها نشاطا شيطانيا منقطع النظير. 


وسخروا أذكياء دهاة من متخصصين في مختلف مجالات العلوم الإنسانية، لوضع وترويج أفكار ومذاهب مختلفة متناقضة، قائمة على إطلاق الأهواء، والشهوات، والرغبات النفسية، والأنانيات الفردية والقومية والأسرية والعنصرية والمذهبية، والعصبيات المتنوعة، إطلاقًا أرعن طائشا، والمقصود أن العلوم الإنسانية المبنية على فكر ضال، وتصور فاسد، وعقيدة منحرفة، تتعارض بالفعل مع الهدي الموروث عن الأنبياء، وتتناقض مع الوحي الإلهي، وهي بذلك من العلوم الدخيلة المذمومة، ولا تجوز دراستها إلا لمن علم حالها، ولم يتأثر بمفاسدها، إلا أن هذا لا يمنع من إمكانية صياغة هذه العلوم صياغة جديدة مبنية على أصول العقيدة الصحيحة، ومتفقة مع علوم الشريعة، ونسبتها حينئذ للإنسانية يكون من باب الجمع، والترتيب، والصياغة. 


والاجتهاد في الإصابة، وقد جاء في توصيات المؤتمر العالمي لتوجيه الدعوة، وإعداد الدعاة، المنشور في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العناية بالإعداد العلمي والثقافي للداعية، حتى تكون دعوته على بصيرة، كما أمر الله، بحيث يعرف دعوته، ويعرف عصره، ويعرف من يدعو، وكيف يدعو، وذلك عن طريق منهج متكامل، تشترك في وضعه لجنة من كبار العلماء والدعاة في العالم الإسلام، ولما أنشئ مركز الدراسات القرآنية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، كان من أهم أهدافه هو بيان أصالة المفاهيم القرآنية، والاستفادة من القرآن الكريم في تأصيل العلوم الإنسانية والاجتماعية، وبيان التوجيه القرآني للعلوم، وهناك من العلوم الدنيوية ما يكون فيه نوع اشتباه بالعلوم الشرعية، تختلط مسائله وأصوله وقواعده وجزئياته بالعلوم الشرعية. 


وهذا لا بد أن يكون للشرع فيه رأي حتى في بعض تفصيلاته، وهو ما يسمى بالعلوم الإنسانية، وبعض المفكرين، أو بعض المثقفين حتى من المسلمين يزعم أن العلوم الإنسانية لا دخل للشرع فيها، كعلوم الاجتماع، وعلوم السياسة، وعلوم الاقتصاد، وعلوم التاريخ والحضارة، وسائر العلوم الإنسانية، وأنها إنما تحكم بقواعدها عند المتخصصين، وهذا خطأ فادح انبنى عليه في العصر الحاضر أخطاء كثيرة في مفاهيم المسلمين وأعمالهم دولا وشعوبا وترتب عليه أخطاء قد يصعب علاجها إلا بعد سنين، وسبب ذلك عزل العلوم الإنسانية عن علوم الشرع، فالعلوم الإنسانية ليست كالعلوم الطبيعية والمادية، بل لا بد من أن تحكم بالشرع جملة وتفصيلا، ولا بد من أن تنطلق من منطلقاته الأساسية في قواعدها، وفي أصولها، وفي أهدافها، وفي مسائلها الجزئية، وفي أحكامها.


وفي تطبيقاتها، لا بد أن تنظم بأصول الشرع والفقه الإسلامي، والفقه ثري بهذه الأمور، بل أغلب الفقه الإسلامي، إذا استثنينا منه العبادات وجله في العلوم الإنسانية، كعلوم الإجتماع، وأحكام الأسرة، وعلوم الإقتصاد، والبيع، وعلوم السياسة، والأحكام السلطانية، وغيرها، فالعلوم الإجتماعية في عصرنا الآن مفصولة عن أحكام الشرع التفصيلية، وعزلها عن الفقه يعتبر كارثة أوقعت المسلمين في كثير من الأخطاء والمفاهيم الخطيرة التي أدت إلى الوقوع في إنحرافات يصعب علاجها إلا بعد حين وعلى ذلك، فمجرد المصطلح والتسمية بالعلوم الإنسانية لا حرج فيه، ولكن المهم أن تخلو مادتها من أسباب الضلالة.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020