الهرم المصري والمأساة الحقيقية: استهبال الإعلام والمسؤولين عن هموم الشعب. جريده الراصد24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

الهرم المصري والمأساة الحقيقية: استهبال الإعلام والمسؤولين عن هموم الشعب. جريده الراصد24

 

الهرم المصري والمأساة الحقيقية: استهبال الإعلام والمسؤولين عن هموم الشعب. جريده الراصد24


بقلم: محمد عبدالمجيد هندي، مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس


في وقت تُنذر فيه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بتفاقم الوضع في مصر، تجد المسؤولين والإعلام منشغلين بقضايا هامشية سخيفة، في استهبال لوعي الشعب المصري وتجاهل لحقوقه وأحلامه. واحدة من أبرز هذه القضايا التي سلط عليها الضوء مؤخراً هي حادثة "الكلب الذي تسلق الهرم"، التي أصبحت حديث الساعة، رغم سخافتها التامة. في حين أن هذه الحادثة لا تُعدو كونها حالة تافهة، نجدها تهيمن على التغطيات الإعلامية، بينما يئن المواطن المصري من غلاء الأسعار، وتدهور الخدمات العامة، وتزايد مشكلات البطالة والفقر.


إعلام متواطئ ومسؤولون غافلون


من المؤلم أن نرى الإعلام في مصر، بدلًا من أن يتناول القضايا الجوهرية التي تمس حياة المواطن، يركز على حادثة عابرة قد تحدث في أي وقت، ويتسابق الجميع لتغطيتها كأنها الحدث الأهم في التاريخ. بينما في الواقع، الشعب المصري يعاني من تداعيات سنوات طويلة من السياسات الاقتصادية الفاشلة التي أفقرت الفئات الأكثر احتياجًا. فلا علاج للأزمات الاقتصادية، ولا حلول حقيقية للمشاكل التي تؤرق المواطن البسيط، ولا سياسات فعالة لحل القضايا الاجتماعية.


ما حدث من اهتمام إعلامي مفرط بهذه الحادثة يعكس استهتارًا بعقول الناس، وتجاهلًا للواقع المرير الذي يعيشونه. لم يكن الإعلام وحده، بل المسؤولون أيضًا يشاركون في هذا الهروب من مواجهة التحديات الحقيقية. بدلاً من التركيز على معالجة الغلاء الفاحش، وتحسين خدمات التعليم والصحة، وخلق فرص عمل حقيقية للشباب، نجدهم منشغلين بنقل تفاصيل حادثة سخيفة لا تساهم في معالجة أي من هذه المشكلات.


التهرب من المسؤولية الوطنية


هذه الحادثة تُظهر بوضوح حالة التهرب المستمر من المسؤولية التي يعاني منها المسؤولون في مصر. بدلاً من أن يتعاملوا مع القضايا الحقيقية التي تؤرق الشعب، ينشغلون في قضايا تافهة تهدف إلى صرف النظر عن الأخطاء الفادحة في السياسات الحكومية. هذا الهروب من المسؤولية لا يمكن أن يستمر، لأن الشعب المصري لم يعد ينخدع بهذه التفاهات.


إن الفشل في معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية الكبرى هو فشل في الإدارة السياسية، وفشل في الوفاء بتعهدات الحكومة تجاه الشعب. في وقت كانت فيه الحكومة بحاجة لتوجيه كل طاقاتها لمواجهة الأزمة الاقتصادية المتصاعدة، نجد أنها تركز على قضايا سطحية لا تفيد المواطن في شيء.


حان الوقت لفتح ملفات الأزمات الحقيقية


بدلاً من التفرغ للأحداث الهامشية، يجب على الإعلام والمسؤولين أن يواجهوا المشاكل الحقيقية التي تؤرق الشعب. حان الوقت أن تلتفت الأنظار إلى ما يهم المواطن المصري في حياته اليومية، مثل توفير فرص العمل، وتحسين الأجور، وتوفير الرعاية الصحية والتعليمية بشكل عادل للجميع. حان الوقت لأن يعرف الشعب أن من يمثلهم يعمل من أجلهم، وليس للهروب من الأزمات عبر إثارة قضايا لا تليق بحجم التحديات التي تواجهها الأمة.


رسالة إلى المسؤولين والإعلاميين


إن الشعب المصري لم يعد يتحمل هذا التجاهل، ولم يعد يتقبل هذا الاستهبال الذي يمارسه المسؤولون والإعلام. الشعب يحتاج إلى أفعال لا أقوال، إلى حلول حقيقية لا إلى مسرحيات إعلامية. وإذا كان المسؤولون يعتقدون أن مثل هذه الحوادث الصغيرة ستغطي على المشاكل الكبرى، فهم مخطئون. الشعب يعرف تمامًا أين تكمن مشكلاته، وما الذي يحتاجه في هذا الوقت العصيب.


من المؤسف أن تتحول قضية "الكلب الذي تسلق الهرم" إلى مادة إعلامية تستحوذ على الاهتمام، بينما القضايا الحقيقية التي تمس حياة المواطن تبقى مهملة. هذه ليست مسألة تفاهة فقط، بل هي رسالة بأن هناك من يتعمد تشتيت الانتباه عن الأزمات العميقة التي يواجهها الشعب المصري.


إننا في المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس نؤمن أن التغيير لا يتحقق إلا بتوجيه الاهتمام إلى القضايا التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر. وإن استمر هذا التهريج الإعلامي والانشغال بقضايا هامشية، فسيظل الوضع على حاله، بل قد يتفاقم أكثر مما هو عليه.


نحن بحاجة إلى إعلام مسؤول يعكس هموم الناس ويطرح الحلول الفعالة. نحن بحاجة إلى مسؤولين يتحملون مسؤولياتهم أمام الله والشعب، ويعملون جاهدين لإيجاد حلول للأزمات التي تعصف بمصر. وإذا كان الإعلام والمسؤولون يظنون أن مثل هذه القضايا الصغيرة قد تنشئ حالة من "الترفيه" للشعب، فإنهم في حاجة ماسة إلى مراجعة أولوياتهم، لأن ما يحتاجه الشعب هو الإصلاح الفعلي، لا الهروب إلى الأمام.

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020