تقرير عن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح والأرز، محصول الفدان الواحد، وتكلفة الإنتاج والعائد المادي على الفلاح، إضافة إلى المعوقات والتوصيات جريدة الراصد 24 -->
جريدة الراصد 24 جريدة الراصد 24

داخل المقال

جاري التحميل ...

تقرير عن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح والأرز، محصول الفدان الواحد، وتكلفة الإنتاج والعائد المادي على الفلاح، إضافة إلى المعوقات والتوصيات جريدة الراصد 24



بقلم: القيادي العمالي محمد عبد المجيد هندي، مؤسس ورئيس المجلس القومي للع


مال والفلاحين تحت التأسيس


إن واقع الزراعة في مصر يعكس حالاً مأساويًا يعيشه الفلاح المصري يومًا بعد يوم. فالزراعة، خاصة القمح والأرز، هي عصب الحياة لملايين الفلاحين في مصر، ورغم الجهود العظيمة التي يبذلها الفلاح، إلا أن عائدات الزراعة لا توازي أبدًا حجم التضحيات التي يقدمها هذا القطاع. فلا يكاد يمر عام دون أن نواجه تحديات جديدة، سواء كانت متعلقة بنقص المياه أو الارتفاع المستمر في تكاليف الإنتاج. ومن خلال هذا التقرير، أقدم تحليلاً دقيقاً حول وضع الزراعة، مع التركيز على القمح والأرز، وتكاليف الإنتاج والعوائد على الفلاح، كما أتناول المعوقات التي تحول دون تحسين هذه الوضعية، مقدماً مجموعة من التوصيات التي من شأنها أن تساهم في تحسين وضع الفلاح المصري وتقليل معاناته.


الأراضي المزروعة بالقمح والأرز في مصر تشهد تراجعاً متسارعاً في السنوات الأخيرة. فعلى الرغم من أن مساحة الأراضي المزروعة بالقمح في مصر تبلغ حوالي 3.5 مليون فدان، إلا أن هذا الرقم غير كافٍ لتلبية احتياجات السوق المحلي، خاصة في ظل النمو السكاني المتزايد. والأمر نفسه ينطبق على الأرز، حيث تبلغ المساحة المزروعة به حوالي 1.2 مليون فدان، وهو عدد لا يعكس حجم الطلب على هذا المنتج الاستراتيجي. هذا التراجع في المساحات المزروعة يعود إلى عدة عوامل أبرزها نقص المياه، وخاصة في زراعة الأرز التي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه.


إنتاجية الفدان الواحد من القمح تتراوح بين 18 و20 إردبًا في المتوسط، وهو معدل أقل مما يمكن أن تحقق الدولة لو تم تحسين بعض عوامل الإنتاج. بالنسبة للأرز، الفدان الواحد قد يُنتج بين 3 و4 أطنان من الأرز، وهو معدل جيد لكنه لا يكفي لتغطية احتياجات السوق المحلي بسبب تقلص المساحات المزروعة، بالإضافة إلى أن الفلاح المصري يواجه مشكلات في تسويق هذا المحصول بسبب نقص الدعم الحكومي.


تأثير تكاليف الإنتاج على الفلاح كان ولا يزال أحد أكبر معوقات العمل الزراعي في مصر. فعلى سبيل المثال، تكلفة زراعة الفدان الواحد من القمح تتراوح بين 8 و10 آلاف جنيه مصري، تشمل تكلفة البذور والأسمدة والري، بالإضافة إلى أجور العمال. هذه التكاليف المرتفعة تضع الفلاح في موقف صعب، حيث يجد نفسه مضطراً للعمل لعدد من الساعات الطويلة والمضنية فقط ليغطي تكاليف الزراعة، دون أن يحقق عائداً كافياً يغطي حاجاته اليومية. في المقابل، تبلغ تكلفة زراعة الفدان الواحد من الأرز حوالي 12 إلى 14 ألف جنيه مصري، وهو ما يضيف عبئًا إضافيًا على الفلاح، خاصة أن الأرز من المحاصيل التي تحتاج إلى الكثير من المياه والوقت.


العائد المادي للفلاح من زراعة القمح والأرز لا يتناسب مع التكاليف التي يتحملها. الفلاح يحقق من زراعة الفدان الواحد من القمح عائداً يتراوح بين 15 و18 ألف جنيه، وهو مبلغ بالكاد يغطي التكاليف، في حين أن عائد الفدان الواحد من الأرز يتراوح بين 20 و25 ألف جنيه. ورغم أن عائد الأرز قد يبدو أعلى، إلا أن تكاليف الإنتاج العالية تجعل الفلاح لا يحصل على ربح كافٍ من هذه الزراعة، مما يؤدي إلى شعوره بالإحباط وتزايد الديون.


أحد أكبر المعوقات التي تواجه الفلاح المصري تتمثل في نقص المياه. زراعة الأرز، على وجه الخصوص، تتطلب كميات ضخمة من المياه، وهو ما أصبح صعبًا للغاية في ظل أزمة المياه التي يعاني منها قطاع الزراعة في مصر. ونقص المياه هذا قد يؤدي إلى تقليص المساحات المزروعة سنويًا، مما يتسبب في تراجع الإنتاج المحلي ويزيد من الاعتماد على الواردات.


كما أن ارتفاع أسعار المستلزمات الزراعية، مثل الأسمدة والمبيدات، يمثل عقبة كبيرة. الفلاح يجد نفسه في وضع صعب، فهو لا يمتلك القدرة على تحمل هذه التكاليف المتزايدة. إضافة إلى ذلك، هناك نقص في الدعم الحكومي الكافي للفلاحين، لا سيما صغار الفلاحين الذين لا يستطيعون الوصول إلى التمويل أو الدعم الفني.


في هذا السياق، من الضروري أن تتخذ الدولة إجراءات فورية لضمان زيادة المساحات المزروعة بالقمح والأرز. يجب أن يتم التركيز على تشجيع الفلاحين على زراعة المزيد من الأراضي من خلال توفير دعم شامل، سواء كان ماليًا أو تقنيًا. هناك حاجة ماسة لتقديم قروض ميسرة وصناديق دعم لضمان توفير مستلزمات الزراعة مثل الأسمدة والبذور بأسعار مناسبة.


من الضروري أيضًا أن تُخصص الدولة مزيدًا من الموارد لتحسين إدارة المياه في الزراعة، فبذلك يمكن توفير كميات كافية من المياه لري المحاصيل وزيادة الإنتاجية. تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط يجب أن تكون أولوية، بجانب استخدام أساليب الري الموفرة للمياه.


وفيما يتعلق بصغار الفلاحين، يجب على الدولة أن تضمن لهم الدعم الكامل على كافة الأصعدة. من خلال توفير تمويل ميسر، يمكن لصغار الفلاحين تغطية تكاليف الإنتاج، مما يسمح لهم بتحقيق ربح كافٍ ويعزز من استدامة قطاع الزراعة. أيضًا، يجب تكثيف جهود الإرشاد الزراعي لضمان أن الفلاحين على دراية بأحدث التقنيات الزراعية.


التسعير العادل هو نقطة أخرى يجب أن تُركز عليها الحكومة. يجب أن تلتزم الحكومة بشراء المحاصيل الزراعية بأسعار عادلة تضمن للفلاح تعويضًا مناسبًا لجهده. كما يجب أن يتم تحسين سبل التسويق المحلي للأرز والقمح من خلال التعاون مع شركات خاصة لإنشاء محطات تجميع للمحاصيل في القرى.


وفي الختام، نحن بحاجة ماسة إلى سياسات زراعية شاملة تضع مصلحة الفلاح المصري في المقام الأول. زيادة المساحات المزروعة بالقمح والأرز، وتحسين تقنيات الري، وتوفير الدعم اللازم لصغار الفلاحين، يمكن أن يساهم في تقليل الاعتماد على الواردات، وبالتالي تخفيف الأعباء المالية عن المواطن المصري. إذا تم تنفيذ هذه التوصيات، فإننا على يقين أن قطاع الزراعة المصري سيشهد نهضة حقيقية تضمن الاستقلالية الغذائية لمصر وتحسن الوضع الاقتصادي للفلاح المصري الذي هو أساس التنمية في هذا البلد.


بقلم: محمد عبد المجيد هندي

مؤسس ورئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين تحت التأسيس

التعليقات



جريدة الراصد24

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

جريدة الراصد 24

2020