بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 20 نوفمبر 2024
الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك رضينا بالله تعالى ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ورسولا ثم اما بعد إعلم أخي الكريم بأن الصلاة هي خير معين على المصاعب وهي تسمو بالنفس في آفاق علوية وتهاجر بالروح إلى فضاء النور والفلاح، وإن العمل الجاد المثمر يحرر النفس من النزوات الشريرة والخواطر الآثمة والنزعات المحرمة، وأن السعادة شجرة ماؤها وغذاؤها وهواؤها وضياؤها الإيمان بالله والدار الآخرة، ومن عنده أدب جم وذوق سليم وخلق شريف أسعد نفسه وأسعد الناس ونال صلاح البال والحال، وإعلم أخي الكريم بأن القرابات حقهم متأكد ثابت لأن حق هؤلاء كبير بعد أداء حق الوالدين، فيكون لهم من الملاطفة ما لا يكون لغيرهم من الناس.
بالملاطفة بالقول والمحاسنة بالكلام، وهكذا أيضا من له حق كالعلماء فإن الإنسان يتخاطب معهم بأدب، وإذا أراد أن يسألهم فإنه يتلطف بالسؤال، كثير من الناس قد يضجر لأنه يشعر أن سؤاله لم يجب عليه، لربما يتصل ولا يجد جوابا ولا ردّا، ولربما يرسل رسالة يبعث بها سؤالا، ولا يجد ردّا، فينبغي أن يقدر أن هؤلاء الناس تنهال عليهم الأسئلة صباح مساء، ولو فرّغوا أنفسهم للجواب لما إستطاعوا أن يقضوا عملا من الأعمال الأخرى، فينبغي للإنسان أن يتلطف إذا أراد أن يتكلم مع هؤلاء العلماء، ولا يتكلم مع الكبراء، والعظماء بكلام لا يصلح لصغار الناس، فإن كلام الإنسان مع الآخرين يدل على عقله، والسيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تقول "أُمرنا أن ننزل الناس منازلهم" وانظروا إلى هؤلاء الذين قص الله عز وجل خبرهم في القرآن.
الذين جاءوا إلى نبي الله داود عليه السلام وتسوروا عليه المحراب أساءوا الأدب في الدخول، ولم يستأذنوا، ولم يدخلوا من الباب، وإنما تسوروا المحراب، وما أحسنوا مخاطبته، بل قالوا " خصمان بغي بعضنا علي بعض فاحكم بيننا بالحق " وهل سيحكم بغير الحق؟ فيقولوا " ولا تشطط واهدنا إلي سواء الصراط " فوجهوه وكأنهم يعلمونه ويرشدونه كيف يكون الجواب والحكم بين الخصوم، وهذا لا شك أنه لا يليق، وهكذا حينما يخاطب الإنسان أحدا من المطاعين فإنه ينبغي أن يتلطف معه بالخطاب، وأن يتكلم معه بكلام يصل به إلى قلبه، فالإنسان أحيانا قد تأخذه العزة بالإثم، أو قد يلتبس عليه الأمر، ويظن أنه إن خاطب الكبراء بلون من الفوقية وأن هذا يدل على أنه لا يخشى في الله تعالي لومة لائم، وهذا غير صحيح.
فانظروا إلى خطاب موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام مع فرعون فكيف إذا كان المخاطب من المسلمين؟ فينبغي للإنسان أن يحدد هدفه ابتداء، إذا كان مقصوده أن يقبل قوله وأن يكثر المعروف والخير، وأن يزول المنكر، فينبغي أن يتلطف غاية التلطف للوصول إلى هذا المعنى والمطلوب، فاللهم انصر إخواننا المجاهدين في سبيلك وفي نصرة دينك، اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم سدد سهامهم، وآراءهم، اللهم أجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى والبر والتقوى، اللهم مُنّ عليهم بالإعتصام بحبلك المتين، وبشرعك المبين، اللهم تجاوز عن سيئاتنا واعف عن زلاتنا، اللهم ارزقنا الإستقامة على الدين، اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.